احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

مذكرات مغترب

 يسرح متأملاً الشمس تغرق على استحياء بين الغمام، متذكراً لحظة غروب الشمس في وطنه.. ليس الشروق فحسب أجمل، حتى الظلام هناك له معنى مختلف، فهو يحتضن ربوع وطنه- كما قال بدر شاكر السياب- يشعر بالبرد في هذه البلاد.. و يتذكر كيف كان الدفء يحيط بروحه تلك الأيام، رغم أن الثلوج متراكمة خارج بيته! يحنّ إلى هامة أبيه و هو يقف مجاوراً له لأداء الصلاة، و يستشعر الخشوع في صوت أمه و هي ترتل بضع آيات بسيطة تحفظها و تظل تكررها بينما تمسح على جسده يوم التهب بالحمى.. إنه بالكاد يذكر الآن آخر فرض صلاة قام بأدائه.. يسمع صوت أخته تشكوه إلى أبويها بسبب ثقلة دمه.. و يبصر عيني شقيقه لحظة صارحه بأول حب في حياته.. و يتنهد.. يتذكر بريق عينيها.. حبيبته هو و ابنة جيرانه.. و كيف اشتعل قلبه حرقة و نزل دمعه للمرة الأولى ليلة زفافها.. يضحك قليلاً على براءة مشاعره تلك الأيام.. كم يفتقد الآن زقاق ذاك الحيّ الذي كان يبوح له بكل أسراره.. و كم نفس أرجيلة يحتاجه الآن مترافقاً بلعبة دق مع رفاقه.. كم منقوشة تعوضه الآن عن المذاق الذي لا يزال عالقاً في قلبه.. تباً لهذه البلاد التي لا تتقن صناعة المناقيش و تدّعي الحضارة!!.. يتمنى الآن أن يعانق الدالية التي طالما اشتكى من كثرة أوساخها.. و أن يسقي بشرايينه بضع وردات في الحيّ طالما أهملها.. و يشتاق لخوض حديث سياسي ينتهي بالاتفاق على عدم الاتفاق.. حيث يصبح الكل فيه محللين سياسيين.. بل يشتاق أكثر لمتابعة مباراة كرة قدم تتضح فيه أصول المواطنين الإسبانية في ليلة واحدة!.. ينبهه فجأة صوت المنبه ليتجه إلى عمله.. في ليلة لم يغمض له جفن علّه يعيش بعضاً من أحلامه.. و يرتدي ثيابه و هو يسبّ زمناً يتفنن في تعليمنا احتراف البرود باسم العصرية و الحداثة..


* إهداء إلى كافة المغتربين العرب عن أوطانهم في أنحاء العالم..

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق